قصيدة لا تحزن رودي سليمان


قصيدة رودي سليمان لا تحزن
لاتحزن
فالحذاء أضيق من حزنك
لايتسع لهذا الهول
لاتحزن
الحِرف الفاصل بين مصطبة البيت والبئر
تهدّم!!
كنت خبأتُ فيه خمس ليرات
لشراء حبات دوار الشمس تلهينا عن حربنا
لاتحزن
حاكورة الخس والنعنع
داسها الغزاة بتكبير الله
وسحقوا الديدان الطغاة التي فيها
لاتحزن
دالية العنب بكت نبيذاً
عناقيدها تتدلى كأثداء هرمة
تقطر الحامض من جذعها
لاتحزن
غرفة المؤنة العاتمة
أناروها لأبي اليوم
وعاثوا بعتمتها قنبلة حارقة
لاتحزن
في البيدر فراشة في حداد
فالربيع احمرّ في طريقه إلينا
لاتحزن
بادلنا تجارة الزيت بأخرى
السوق و ساحة البازار بعنا فيها دماً
واشترينا هتافاً نشارك الله بإله آخر
لاتحزن
إنْ كُسرت قدم الحرب سهواً
فأقامت عندنا أكثر
فنحن أهل لضيافتها
نطعمها وندلّك اقدامها
ونبعث ابناءنا قرابيناً
لاتحزن
العندليب الأخير في جادة القرية
علّق صوته بسلك الكهرباء
قتل اللحن بحنجرته
وجلس شاهداً صامتاً لعهرنا
لاتحزن
حلة الحنطة مازالت باسوداد وجهنا
تسلق القهر بنيران لاهثة
تتحسر على قمحٍ قاسٍ
ويد عجوز تحركه بشوكة الحصادين
لاتحزن
فتات خبزنا لايتعفن
ها هناك صرخة صادقته
فرجف قلب طائرٍ لعويلها
يحلق يحلّق يبحث عن عشه
لايراه
هو الآخر مكسور الخاطر
لاتحزن
زوايا حاراتنا آنستها فتات اشلاءنا
فالحزن شلال مجنون
ينطلق علينا بغزارة
لاتحزن
الحزن حاسة أخرى
نسي الله اصطفافها
وهو يدبُّ الروح بنطاف آباءنا
ليكتب على جبيننا كل هذا الشريط
ولعنة سادية تلتهمنا
سماها سوريا
رودي سليمان
سوريا